محمد حمضي
” يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر”. حكمة أعادتها أم الجمعيات للواجهة نهاية الأسبوع الأول من شهر ماي الجاري . كيف ذلك ؟
أن تحتضن مدينة وزان التي يصنفها الواقع المرير ضمن دائرة حواضر الهامش ، مؤتمرا فكريا حج لحضور أشغاله شباب وفاعلين من كل ربوع الوطن ، ويحقق نجاحا باهرا ، ويصدر عنه نداء ” نحو بناء وعي رقمي مسؤول لجيل أكثر أمانا و مشاركة ” ، فإن ذلك رسالة قوية لصناع القرار ، مركزيا ، وجهويا ، وترابيا ، من أجل تنزيل سياسات عمومية منصفة وعادلة ، لأن الهامش قادم ، وأن للاستعمال الجيد للتكنولوجيا الجديدة ، التي شكلت محور المؤتمر الفكري المنعقد بعيدا عن المركز والمتروبول ، يدا في تسريع وتيرة القدوم المذكور .
هذه الحزمة من التفاصيل استحضرتها قيادة أم الجمعيات/ حركة الطفولة الشعبية، وهي تعلن عن اختيار حاضرة وزان لاحتضان النسخة الرابعة للمؤتمر الفكري المنعقد تحت شعار ” التربية على تدبير المجال الرقمي والإعلامي ” ، وذلك أيام 3/4/5 ماي .
بين الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، وندوة رفع الستار عن أشغاله، وباقي الفعاليات التي واكبها المشاركات والمشاركون في المؤتمر، الوافدون على دار الضمانة من أزيد من 60 فرعا من فروع أم الجمعيات، كان وحده الحديث عن مخاطر الاستعمال العشوائي للعالم الأزرق سيهيمن على النقاش… لكن أبناء حركة الطفولة الشعبية الذين يتملكون ثقافة المواطنة ويعملون على حماية مشاتلها ، ويسعون إلى تعزيز المواطنة الرقمية ، انتصروا في رزنامة الورشات التي تناولت موضوع التربية على تدبير المجال الرقمي والاعلامي من زوايا متعددة ،( انتصروا) للأمل … أمل عدّد “نداء وزان” للنسخة الرابعة للمؤتمر الفكري نوافذ ولوجه.
افتتاح المؤتمر الفكري يوم 3 ماي ، تاريخ له دلالته الرمزية . واختيار المتدخلين بالصفة التي تدخلوا بها في ندوة رفع الستار عن أشغاله ، دليل على أن أم الجمعيات متفاعلة مع نبض المجتمع الدولي وانشغالاته.
الثالث من ماي يصادف سنويا تخليد اليوم العالمي للصحافة ، تقليدية (ورقية) كانت أم حديثة ( رقمية) ، ومشاركة كل من مدير المعهد العالي للصحافة والإعلام ، وعميد كلية علوم التربية ، و أستاذ في علاقة تماس قوية بالعالم الرقمي ويشتغل عليه ، كلها اشارات تُغني عن الغوص في تفاصيل أشغال المؤتمر الذي أطر ورشاته ، كفاءات ، وخبيرات و خبراء ،وأساتذة جامعيون ، وحركة الأصدقاء الصرحاء الفرنسية التي تعتبر شريكا تاريخيا لأم الجمعيات .
نداء المؤتمر ” نحو بناء وعي رقمي مسؤول لجيل أكثر أمانا ومشاركة” شدد على أن ” حماية أطفالنا مسؤولية جماعية …لبناء مجتمع رقمي آمن يمكن أبنائنا من استخدام التكنولوجيا بوعي ، ويفتح لهم آفاقا للابتكار والمواطنة الحقيقية ….”. ومن أجل تحقيق ذلك تم الإعلان عن تأسيس ” مركز الطفولة الشعبية للتربية الإعلامية والرقمية ” التي سيسعى إلى اجراء دراسات وبحوث علمية متخصصة ، وتنظيم ندوات ومؤتمرات ودورات تكوينية ، وانتاج محتوى معرفي مفتوح ، وإصدار منشورات علمية ، وبناء شراكات ، والتعاون مع مؤسسات وطنية ودولية”.
يذكر بأن الجلسة الافتتاحية التي أدار أشغالها بحنكة كبيرة ، حمزة البراهمي ، عضو المكتب التنفيذي لأم الجمعيات ، تميزت بباقة من الكلمات/ التحيات، موجهة للمؤتمر، ألقاها كل من الكاتب العام لحركة الطفولة الشعبية ، وممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، و الكاتب العام للجامعة الوطنية للتخييم ، ونائبة رئيس مجلس جماعة وزان ، و ممثل المديرية الإقليمية للتربية الوطنية ، وطيف من نسيج المجتمع المدني بالمدينة . كما توصل المؤتمر بسيل من البرقيات من العديد الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين من داخل الوطن كما من خارجه، ولم تغب عن جلسة الافتتاح إلا الجهة التي لم تستوعب المفهوم الجديد للسلطة الذي تجاوز عمره ربع القرن ، والتي – لغرض في نفس يعقوب – اختارت أن لا توجد على نفس المسافة من الفاعلين المدنيين بالإقليم ….
أم الجمعيات تصنع الحدث من جديد ، وهذه المرة من قلب حاضرة وزان التي سبق للملك محمد السادس في بداية عهده ، أن أطلق في زيارته التاريخية لدار الضمانة ، مبادرة انصافها وجبر ضررها ، وذلك بالتوقيع تحت أنظار جلالته على رزنامة من المشاريع ، عطّل تنزيلها ، وأغار على جوهرها فيما بعد ، الكثير ممن يقبضون على دواليب ادارة مفاصل تنميتها ….. لكن أم الجمعيات اختارت أن تسلط من خلال وزان ، كشافات من الضوء على مغرب الهامش الذي يوجد به من الطاقات والإرادة ما لا يوجد بالمرك….الهامش واعد لمن يقرأ ” البريا مسدودة” .
