سيكون من العبث الحديث للمرة الألف ،عن اهمية الماء بالنسبة للحياة ،وعن خطورة الندرة المائية اليوم ،او حتى عن اشكالية الامن المائي غدا بالنسبة لبلدنا المغرب .
فالارقام اكيدة وصادمة ، اما الإرادة فقوية وحاسمة في حين التنزيل يحتاج الى انسجام البرامج وإلى ذكاء جماعي ،لابتكار الحلول ،وابداع المبادرات ،وتثمين الممارسات الجيدة ،والبحث والتحري في التفاصيل الدقيقة التي يختفي فيها شيطان التبذير.
فهل نعلم كم يستهلك قوم الادارة المغربية وبناياتها من الماء الصالح للشرب ؟
تصوروا ان اكثر من مليون ومئة الف موظف عمومي مدني يزاولون عملهم بمرافق الادارة المغربية بآلاف البنايات والمكاتب عبر التراب الوطني، كم يستهلكون الماء ويستعملونه في حاجياتهم الإنسانية يوميا ،ودون ان تربطهم معه اية علاقة لا عاطفية ولا وجودية ولا محاسباتية ، إلا من رحم ربك بضمير حي .
من منا لا يقف يوميا على اهتراء التجهيزات بالإدارة وضياع الماء الذي يستمر لأسابيع ، واذا أبلغت عن الأمر، يكون الجواب :”ما عليه، الاعتمادات كافية في الميزانية والحمد لله ” وفي احسن الأحوال يكون الجواب :”ماذا تريد ان نفعل ؟لم يعد بالإدارة الأعوان المكلفون بالصيانة .ننتظر المقاولة المتعاقد معها .
في ميزانية كل القطاعات الحكومية ، التي يصوت عليها السيدات والسادة البرلمانيون، وينفذها الوزراء ،وغيرهم .ويراقبها قبليا وبعديا الخازن الوزاري ،ويفحصها المجلس الأعلى للحسابات . فالبند المدلل والذي لا يسأل عليه احد هو المتعلق باستهلاك الماء والكهرباء .
فهل يكفي ان يتم احتلال الاعلام العمومي ،بحملات إشهارية اكثر منها توعوية ،حتى ينخرط المواطنون في المجهود الوطني ؟
ان السلوك الادارة المتواتر، وممارسة رجالها ونساءها والتي يقف عليها الناس ،هي الحافز الرئيسي لتغيير السلوكات اليومية للمواطنين.
فهل من الضروري ان تستمر الادارة في تحمل مصاريف استهلاك الماء لكبار المسؤولين عوض تخصيص لهم تعويض جزافي حتى يكون استهلاكهم ومحيطهم معقلن ؟
ماذا لو احدث رئيس الحكومة المغربية، بنكا افتراضيا وأطلق عليه “البنك المغربي
للماء”؟ وخلال اجتماع مجلس الحكومة الأسبوعي ، يطلب من جميع أعضاء الحكومة المساهمة فيه. ولكن هذه المرة السيولة ليست نقدا ولا تحويلات مالية .
كما حصل ايام كوفيد 19 ،او زلزال الحوز . هذه المرة ستكون المساهمة بالليترات والمتر المكعب .كما انها لن تكو ن شخصية، وانما قطاعية .
وهكذا أتصور نزار بركة وزير التجهيز والماء يسجل الأرقام .والسيد رئيس الحكومة يخاطب كل وزير على حدة:
السيدة غيثة مزرور ، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الادارة ،ماهي خطتك لتقليص استعمال الماء، بالإدارة المغربية ؟ماهو حجم السيولة المائية التي ستساهمين به في البنك المغربي للماء ،إلى غاية نهاية السنة؟
وانتم سي شكيب ،وزارتكم تدبر حوالي أثنى عشر الف مدرسة 12000، ما هي وضعية تجهيزاتها التحتية؟ وما حجم مساهمتكم بالمتر المكعب في هذا البنك ?ونحن على أبواب الدخول المدرسي .
وفجأة يعتدل السيد رئيس الحكومة في جلسته، ويخاطب السيد وزير الداخلية :هل من برنامج لتأطير اكثر من الف وخمس مئة جماعة ترابية 1500 ?اظافة إلى العمالات ،والباشويات ،والدوائر ،والقيادات .والذي من شأنه انتاج فائض مائي ،تساهم به “ام الوزارات “في هذا البنك النموذجي ؟
وقبل ان ينهي الاجتماع الأسبوعي ،ويرفع الجلسة بعد حصر الحجم الإجمالي لمساهمة الحكومة .يقول لوزير الأوقاف والشؤون الاسلامية: “سي احمد البركة ديالك لا بد منها . وهذا بنك بدون ربا . ووزارتكم تسير اكثر من اثنين وخمسين الف مسجد بمرافقيه”.
وعندكم متحف للماء بمراكش ،فاني انتظر مساهمة قيمة منكم .
انتهى كاس “اتاي ” ،وتوجهت إلى حمام الحي .فأمر الإغلاق لأربعة ايام في الاسبوع نافد .