انطلقت صباح يوم الاثنين 28 أبريل 2025 فعاليات الدورة الأولى من “ربيع الأنثروبولوجيا” تحت شعار “تجارب في الأنثروبولوجيا المغربية”، وذلك بفضاء الإنسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير. ويُنظم هذا الحدث العلمي من طرف فريق البحث في العلوم الإنسانية والاجتماعية بالكلية، بحضور أساتذة جامعيين وطلبة الدكتوراه والماستر في مجالات الأنثروبولوجيا والعمل الاجتماعي. ويتضمن البرنامج سلسلة من الجلسات العلمية والورشات التكوينية الهادفة إلى تطوير معارف ومهارات الطلبة الباحثين في مجالات البحث الميداني والتحليل الأنثروبولوجي.
وافتتحت أشغال اليوم الأول بمحاضرة علمية تحت عنوان “تجارب ميدانية بالأطلس الكبير”، ألقاها الأستاذ الباحث في الأنثروبولوجيا محمد مهدي، وترأس الجلسة الأستاذ محمد الصليح. وقد سلطت المحاضرة الضوء على منهجية البحث الميداني في المناطق الجبلية بالمغرب، مستعرضة تحديات العمل الحقلي وأساليبه.
وعرف الحدث كذلك تنظيم جلسة علمية ثانية برئاسة الأستاذ هشام القبابي، أطرها أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير محمد العماري، بمحاضرة بعنوان « l’usage de la photographie dans l’ethnographie » وتناول العماري في مداخلته أهمية الصورة في البحث الإثنوغرافي، مميزًا بين أنواع الصور، “الصورة الطيفية” (la photo spectrale).
اختتم اليوم الأول بورشة تأطيرية لطلبة الدكتوراه والماستر، أطرها الأستاذ محمد مهدي تحت عنوان “الميدان في الأنثروبولوجيا: من الزيارة الميدانية إلى جمع المعطيات، فالتحليل ثم الكتابة”. ركزت الورشة على الجوانب العملية للبحث الأنثروبولوجي، بدءاً من تخطيط الزيارات الميدانية وصولاً إلى صياغة النتائج البحثية.
أكد الأستاذ مهدي على ضرورة بدء الكتابة منذ اليوم الأول للبحث، داعياً الباحثين إلى تدوين النقاط الملهمة وإجراء حوار مع النصوص (le dialogue avec les écrits). كما شدد على أهمية استخدام مقاربات تحليل المحتوى كطرق لقراءة المواد البحثية من نصوص وصور وتسجيلات وملاحظات ميدانية، بهدف إنتاج كتابة أنثروبولوجية تتجاوز الوصف السطحي.
أوصى الأستاذ مهدي بضرورة الاطلاع على النصوص الروائية لتنمية المهارات الكتابية في الحقل الأنثروبولوجي، ناصحاً بالغوص في مؤلفات الأنثروبولوجي الفرنسي جاك بيرك التي تمثل نموذجاً فريداً في الجمع بين المنهجية العلمية والبلاغة الأدبية. ونبه إلى ان هذه القراءات تمكن من صقل رؤية التفاصيل الإنسانية، وتحويل المشاهدات الميدانية إلى تحليلات علمية عميقة.
كما أن الأستاذ مهدي لم يبخل بتوجيه نصائحه لطلبة الدكتوراه وطلبة الماستر وطلبة الإجازة، حيث قدّم لهم إرشادات منهجية دقيقة حول كيفية تطوير أبحاثهم.
يُذكر أن فعاليات “ربيع الأنثروبولوجيا” ستتواصل خلال يومي 28 و29 أبريل من السنة الجارية، من خلال تنظيم محاضرات علمية وورشات تدريبية تهدف إلى إغناء النقاش الأكاديمي حول الأنثروبولوجيا المغربية وتعزيز البحث الميداني في هذا المجال.