راسلت الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي و أسرى الصحراء المغربية عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، وكان مضمون الرسالة التي توصلت جريدتنا بنسخة منها، يتمحور حول الوضعية الحقوقية والاجتماعية لأسر شهداء ومفقودي و أسرى الصحراء المغربية وهذا هو نص الرسالة :
إلى معالي رئيس الحكومة
السيد المحترم: عزيز أخنوش.
الموضوع: تقرير حول الوضعية الحقوقية والاجتماعية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية.
تحية تقدير واحترام،
يتشرف المكتب الوطني للجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية، بأن يرفع إلى معاليكم، تقريرًا مفصلًا حول الوضعية الاجتماعية والحقوقية لهذه الفئة التي قدمت تضحيات جسامًا دفاعًا عن وحدة الوطن وسيادته الترابية.
ونطلعكم معالي رئيس الحكومة،أن إطارنا تأسس بتاريخ 13-11-1999 بمدينة سيدي سليمان،كان يحمل اسم الجمعية الوطنية الاجتماعية لأبناء شهداء ومفقودي الصحراء المغربية،ليغير اسمه إلى الجمعية الوطنية لأسر شهداء و مفقودي و أسرى الصحراء المغربية بمؤتمرها الأول سنة 2004،تهدف بالأساس على الدفاع عن حقوق هذه الأسر وتحسين أوضاعها الاجتماعية، و العمل سابقا على إطلاق سراح الأسرى المغاربة الذين كانوا معتقلين لدى جبهة البوليساريو الانفصالية و الدولة الجزائرية،و الترافع و الدفاع عن القضية الوطنية، في غياب أي إطار مختص يعنى بهذه الفئة الواسعة من الشعب المغربي في الجانب الحقوقي.
وكما تعلمون معاليكم، فقد خاضت القوات المسلحة الملكية حربًا ضروسًا ضد جبهة البوليساريو المدعومة من النظام الجزائري وأطراف خارجية، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من الشهداء والمفقودين والأسرى، مخلفين وراءهم أسرًا تعاني منذ عقود من التهميش والإقصاء، في ظل غياب أي التزام حقيقي من الحكومات المتعاقبة، بما في ذلك الحكومة الحالية التي تترأسونها، لإنصاف هذه الفئة، رغم صدور تعليمات ملكية سامية واضحة تدعو إلى معالجة هذا الملف بكل جدية ومسؤولية.
وإعمالًا لمقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011، ولا سيما فصله 31 الذي ينص على أن “الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحقوق المرتبطة بالحماية الاجتماعية”، وفصله 35 الذي يكفل الحق في الملكية وحماية الحقوق المكتسبة، فإننا نعتبر أن إنصاف أسر الشهداء والمفقودين والأسرى يدخل في صميم الالتزامات الدستورية للدولة تجاه مواطنيها الذين ضحوا بحياتهم فداءً للوطن.
كما أن مقتضيات الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.56.280 الصادر بتاريخ 7 يناير 1957 بشأن النظام الأساسي للعسكريين، تنص على ضمان الحماية الاجتماعية والمعنوية والعناية الخاصة بقدماء العسكريين والأسر المتضررة نتيجة أداء الواجب الوطني.
وتعزيزًا لما تقدم، نقدم لمعاليكم التقرير التالي حول الوضعية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية لأسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية:
أولًا: الوضعية القانونية وحقوق أسر الشهداء والمفقودين.
1. إقصاء أبناء الشهداء من صفة مكفولي الأمة
رغم أن القانون رقم 33.97 المتعلق بمكفولي الأمة ينص صراحة على رعاية الأطفال الذين فقدوا آباءهم أثناء الدفاع عن حوزة الوطن، إلا أن أبناء الشهداء الذين استشهدوا خلال الحرب ضد البوليساريو (1975–1991) حُرموا من هذه الحماية، في خرق واضح لمقتضيات هذا القانون وأحكام المادة 12 منه.
2. إهمال تسوية وضعية الأسرى والمفقودين.
لا يزال مصير عدد من المفقودين المدنيين مجهولًا، ولا تزال عملية استرجاع رفاث الأسرى الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب بسجون البوليساريو والجزائر متوقفة، مما يشكل انتهاكًا جسيمًا للحقوق الإنسانية الدولية، خاصة المادة 32 من اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب.
ثانيًا: الوضعية الاجتماعية والمعيشية لأسر الشهداء والمفقودين.
1. المعاشات الهزيلة والتعويضات غير العادلة.
تم احتساب معاشات الأرامل على أساس التقاعد العادي، وليس على أساس الاستشهاد في ساحة الشرف، مما ألحق ضررًا بالغًا بحقوقهن، رغم أن المادتين 27 و28 من النظام الأساسي للعسكريين تضمنان تعويضات خاصة مرتبطة بالوفاة أثناء أداء المهام.
كما أن هناك اقتطاعات غير مبررة طالت معاشات الأرامل وأسر المفقودين عبر سنوات طويلة دون أي سند قانوني، خاصة بالنسبة لمن تم إعلان استشهادهم بين عامي 2001 و2015.
2. عدم تنفيذ الأوامر الملكية الخاصة بالسكن.
رغم صدور تعليمات ملكية سامية بشأن تفويت السكن للأرامل مجانًا أو توفير سكن أو بقع أرضية مجانية لمن لم يستفد، وفقًا لما يلي:
مذكرة المصلحة الملكية رقم 2642 بتاريخ 10 ماي 2001
مذكرة المصلحة الملكية رقم 5359 بتاريخ 5 يونيو 2007
تعليمات ملكية خاصة رقم 5497 بتاريخ 28 مارس 2013
تعليمات ملكية بتاريخ 25 يونيو 2021
فإن التنفيذ ظل بطيئًا ومتفاوتًا، مع استمرار معاناة العديد من الأرامل في ظروف سكنية مزرية، في خرق صريح للفصل 31 من الدستور الذي يكفل الحق في السكن اللائق.
3. الإقصاء من الاستفادة من المأذونيات وبرامج جبر الضرر.
تم إقصاء أرامل وأبناء شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية من الاستفادة من مأذونيات النقل (الكريمات)، رغم أحقيتهم بذلك نظرًا لتضحياتهم الوطنية. كما تم استثناؤهم من برامج جبر الضرر التي استفادت منها فئات أخرى، مما عمّق الإحساس بالظلم والحيف تجاه هذه الفئة الوطنية.
4. الحرمان من التأمين وتعويضاته رغم الاستشهاد والأسر خلال الحرب.
لم يتم تأمين الشهداء والمفقودين والأسرى ضد مخاطر الحرب وفقدان الحياة، مما حرم أسرهم من تعويضات تأمينية كانت ستخفف من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وتطالب الجمعية الوطنية اليوم بتمكين هذه الأسر من تعويضات عادلة، إسوة بالممارسات الدولية في مثل هذه الحالات.
ثالثًا: المطالب العاجلة للجمعية
1. توسيع نطاق تطبيق قانون مكفولي الأمة ليشمل أبناء الشهداء والمفقودين للفترة 1975–1991.
2. مراجعة المعاشات وإعادة تسويتها بشكل عادل ومنصف، مع احتساب سنوات الخدمة كاملة والتعويض عن جميع الاقتطاعات.
3. التسريع بتنفيذ الأوامر الملكية المتعلقة بتفويت السكن، وتمليك المساكن العسكرية لأرامل الشهداء والمفقودين مجانًا، مع توفير السكن أو البقع الأرضية للفئات التي لم تستفد.
4. إحداث لجنة وطنية خاصة تضم كل المتدخلين و الجمعية للبحث في مصير المفقودين واسترجاع رفاث الشهداء من الأسرى، طبقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
5. تخصيص نسبة 25% من مناصب الشغل العمومية، أو تمويل مشاريع مدرة للدخل، لفائدة أبناء الشهداء والمفقودين والأسرى، وفقًا للتعليمات الملكية الموجهة للمصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية ومؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية لقدماء العسكريين و قدماء المحاربين.
6. تفعيل برامج جبر الضرر لفائدة هذه الفئة عبر إطلاق مشاريع اقتصادية واجتماعية مستدامة.
7. تعويض أسر الشهداء والمفقودين والأسرى عن غياب التغطية التأمينية أثناء الحرب، بما يحقق الإنصاف وجبر الضرر.
تخليد يوم وطني للشهيد احتفاء و تقديرا و تكريما لشهداء الصحراء المغربية و أن يكون تحت الرعاية الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أن يكون يوم عطلة مؤدى عنه.
إن أسر شهداء ومفقودي وأسرى الصحراء المغربية لم تحظَ إلى اليوم بالإنصاف الذي يليق بتضحيات ذويها، رغم وضوح النصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة.
وإذ نذكّر معاليكم بأن رعاية هذه الفئة ليست فقط مسؤولية أخلاقية، بل واجب دستوري وقانوني ووطني، فإننا نلتمس من معاليكم،التفاعل الإيجابي مع هذا التقرير، واتخاذ التدابير اللازمة لإنصاف هذه الفئة ورد الاعتبار لتضحياتها الجسيمة من أجل وحدة الوطن واستقراره،و أن لا يظل يستغل من طرف أعداء الوطن داخليا و خارجيا.
وتفضلوا، معالي رئيس الحكومة، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام.