أجمع مسؤولو المؤسستين التشريعيتين في المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية على أهمية إنشاء منصة للحوار والتعاون بين البرلمانيين والحكومات والفاعلين الاقتصاديين في البلدين، بهدف دعم التنمية المستدامة وتعزيز الاندماج الإقليمي. جاء ذلك خلال أشغال المنتدى البرلماني الاقتصادي المغربي-الموريتاني، الذي شهد توافقاً على تعزيز العلاقات البرلمانية وتكثيف التنسيق لدعم المشاريع المشتركة.
وكشفت معطيات أن الوفد البرلماني المغربي، برئاسة رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، أكد مع نظرائه في المؤسسة التشريعية الموريتانية على ضرورة دعم الاستثمار والتبادل الاقتصادي، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية كالصيد البحري، الفلاحة، البنية التحتية، والتكوين المهني.
وشدد المشاركون في المنتدى على أهمية تبادل الخبرات والتجارب الناجحة بين البلدين، والعمل على تعزيز التعاون الثلاثي عبر إشراك فاعلين أفارقة ودوليين، بهدف توسيع آفاق التنمية. كما دعوا إلى إرساء آلية فعالة للمتابعة والتقييم، لضمان تنفيذ التوصيات والاتفاقيات التي خلص إليها المنتدى.
وقد ركزت النقاشات التي شهدها المنتدى على عدد من المحاور الرئيسية، منها الأمن الغذائي، التعاون الزراعي، تدبير الموارد البحرية بشكل مستدام، والتشغيل، إضافة إلى التكوين المهني ومواءمة المهارات مع حاجيات سوق الشغل.
وفي ما يخص آليات تنفيذ توصيات المنتدى، تم الاتفاق على تشكيل مجموعات عمل ثنائية تُعنى بمتابعة القضايا ذات الأولوية، إلى جانب عقد اجتماعات تقييم دورية لرصد التقدم وتحديد آفاق التعاون المستقبلي.
وأكدت المعطيات الرسمية أن العلاقات بين المغرب وموريتانيا تعرف في السنوات الأخيرة دينامية غير مسبوقة، تعكسها الزيارات المتبادلة المتكررة بين المسؤولين في مختلف القطاعات، وعلى رأسها الزيارة الخاصة التي قام بها الرئيس الموريتاني للمملكة المغربية يوم 18 دجنبر 2024، والتي التقى خلالها بجلالة الملك محمد السادس يوم 20 من نفس الشهر، حيث عبّر الجانبان عن رضاهما عن تطور الشراكة الثنائية.
كما شددت الوثائق على أن العلاقات بين البلدين قائمة على أسس راسخة من الاحترام المتبادل والتعاون المثمر، إلا أن الوضعية الراهنة للتعاون لا تزال دون مستوى الإمكانيات والفرص المتاحة، ما يستدعي مضاعفة الجهود لتعزيزها.
وتنظم العلاقات الثنائية في إطار قانوني غني يضم نحو 130 وثيقة بين اتفاقيات وبروتوكولات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية، تغطي مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية، وينبثق عنها عدد كبير من اللجان القطاعية وفرق العمل المشتركة.
وفي هذا السياق، أشار المصدر ذاته إلى اللجنة العليا المشتركة المغربية-الموريتانية، التي أحدثت سنة 2000، وعقدت دورتها الثامنة في الرباط ما بين 9 و11 مارس 2022، برئاسة رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ونظيره الموريتاني محمد ولد بلال مسعود، وتوجت بالتوقيع على 13 وثيقة قانونية.
أما على المستوى الاقتصادي، فتُعد المملكة المغربية أول مورد للسوق الموريتانية على الصعيد الإفريقي، وأول مستثمر في قطاعات حيوية مثل الاتصالات والبنوك، إلى جانب دورها في تحويل وتثمين منتجات الصيد البحري الموريتاني.
وفي ما يتعلق بالتعاون البرلماني، تم في يناير 2024 تشكيل مجموعة صداقة مغربية-موريتانية، تماشياً مع الدينامية الإيجابية التي تعرفها العلاقات الثنائية. كما قام راشيد الطالبي العلمي بزيارة رسمية إلى موريتانيا في فبراير 2024، أعقبها إطلاق المنتدى البرلماني المشترك. وفي 6 دجنبر 2024، زار رئيس الجمعية الوطنية الموريتانية محمد بمب ولد مكت المغرب على رأس وفد برلماني، حيث التقى بعدد من المسؤولين، من بينهم وزير الشؤون الخارجية.
وعلى الصعيد الثقافي والروحي، تبرز موريتانيا كواحدة من أبرز الدول الإفريقية التي تستفيد من المنح الدراسية المغربية، حيث يحصل طلابها على نحو 400 منحة ومقعد بيداغوجي سنوياً في الجامعات والمعاهد العليا بالمملكة، كما أن العديد من نخبها تلقت تعليمها العالي بالمغرب.
وفي المقابل، يعيش حوالي 9 آلاف مغربي في موريتانيا، ينشط أغلبهم في التجارة والصناعات التقليدية.
