الرئيسية اراء ومواقف عبد الرفيع حمضي يكتب: بنمسيك، هارفرد، وخان يونس

عبد الرفيع حمضي يكتب: بنمسيك، هارفرد، وخان يونس

كتبه كتب في 21 يوليو 2024 - 18:33

عندما كان الدكتور حسن الصميلي عميدا لكلية الاداب والعلوم الانسانية بنمسيك ،كان همه الرئيسي هو انفتاح الكلية على محيطها الاقتصادي والاجتماعي ،حتى تصبح جزء من المشترك المجالي والمؤسساتي .وليس مجرد بناية لمحاربة الأمية . ولهذا اختار الثقافة حصانا لمعركته ،واذا كانت حصيلة فترته في ادماج الخريجين في محيطهم الاقتصادي وخاصة في المقاولات ، جد مشرفة .فان اهم إنجاز لكلية بنمسيك هو إبداعها وترسيخها للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي الذي أقام هذه السنة دورته السادسة والثلاثين 36 من فاتح الى السادس من يوليوز ،وبذالك يعتبر اقدم مهرجان دولي للمسرح الجامعي في العالم . وما كان لذلك ان يكون لولا إرادة فريق يقوده العميد الصميلي .

هذه هي المعطيات التي كانت تقفز على راس قائمة محرك البحث غوغل الشهير وباقي المحركات ،كلما ادخلت كلمة “كلية “وبجانبها كلمة “بنمسيك “قبل يوم السبت 13 يوليوز 2024 .
اليوم الذي حاول فيه ضيف تقيل ،مسؤول إداري وتربوي يحمل صفة عميد لكلية العلوم بنفس الدائرة الترابية افساد حفل تخرج طلبة مدرسة العليا للتكنولوجيا الذي شرفته بتقديم شهادة التخرج لطالبة متفوقة تحمل كوفية فلسطينية .
فدُوِلَت فضيحته واصبحت بجلاجل كما يقول اهل مصر .حتى ان المقاوم شهيد مدينة سمارة سنة 1979 الكولونيل ادريس الحارثي تحرك في قبره وهو الذي تقع كلية العلوم في الشارع الذي يحمل اسمه .
فهل علم الكولونيل ان العميد أساء إلى تاريخه وتاريخ منطقة بنمسيك .? وان غوغل اصبح لا يبوح إلا بفضيحة العميد ومآسي الكريان كلما طلبت معلومات عن بنمسيك .
يبدو ان سي الطالبي أراد ان يحتمي في جلباب التقنقراطي الصرف الذي لا تهمه إلا المنجزات ،وليس سياقها لا التقافي ولا السياسي ولا طريقة الإنجاز ولا حتى المآل .وهو يعلم ان هذه الوصفة رائجة ببلادنا ونتائجها شبه مضمونة .لكن مع الأسف لم يتوفق ،وهو أستاذ مادة الكمياء chimie في ضبط مكونات ومقاييس تخليطته السحرية وان كانت عاشوراء حينها على الأبواب .
لم يفهم العميد ان المجتمع الذي لا حماس لشبابه هو مجتمع مريض . ولا قيمة لدراسة جامعية لا تنتج طالبا مرتبطا بقضاياه الوطنية والإنسانية ،فما بالك والأمر يتعلق بالقضية الفلسطينية وما يتعرض له شعبها .وتشاء الظروف ان تكون مدينة خان يونس ثاني اكبر مدينة بغزة تتعرض للقصف من طرف الصهاينة في نفس اللحظة التي كان سي الطالبي يستهزئ بقطعة قماش لها من الرمزبة والدلالة الحضارية والإنسانية اكثر من اي موقف سياسوي اختزالي .
كيف غاب عن العميد ان جل المحللين والمراقبين الدوليين يقرون الان ،والان فقط بان العالم بخير لان الطلبة، -ضمير العالم المقبل- تضامنوا مع الفلسطينيين بعدما تآمر السياسي وصمت المثقف وخذل الإعلامي !
ماذا اصاب العميد ومداد صحف العالم لازالت لم تجف وهي تتحدث عن شجاعة “كلودين غاي “بعد تعرضها لهجوم شرس من طرف اللوبي الصهيوني ورفضت ان تقر ان ما يقوم به طلابها بجامعتها هو معاد للسامية وانما احتجاج على ما تقوم به إسرائيل . فاستقالت من رئاسة جامعة هارفرد بكامبريدج وهي الجامعة العريقة والتي ستحتفل قريبا ب أربع مئة سنة 400 على تأسيسها .
هكذا اذن سقط سي الطالبي الضيف بمخالفته لقواعد اللياقة والأدب كمدعو للحفل وليس صاحبه وسقط سي الطالبي الاستاذ لانه لم يشجع ولم يحفز الطالبة ومن خلالها الآخرين على الاجتهاد.وسقط سي الطالبي الأب وهو يهين امهات وأباء الطلبة الحاضرين ، وسقط سي الطالبي العميد لان الفتنة نائمة عندما حاول ان يوقظها . وقبل هذا وذاك سقط سي الطالبي الإنسان .
لكن هل هذا السقوط يعطي الحق لأي كان ان ينهش في عرض الرجل وأسرته؟ هل هذا السقوط يبيح الدعوة الى الكراهية والتخوين والتكفير ؟ ألم يسقط الكثير من رواد الشبكات الاجتماعية في فخ “الفوضى الخلاقة “التي يستمد منها المتطرفون أساليبهم التأطيرية .
يروى ان الإمام الشافعي قال يوما لاحد طلابه :
يا يونس
– اكره “الخطأ” دائمًا… ولكن لا تكره “المُخطئ” .
وأبغض بكل قلبك “المعصية”… لكن سامح وارحم “العاصي”…
_ يا يونس، انتقد “القول”… لكن احترم “القائل”… فإن مهمتنا هي أن نقضي على “المرض”… لا على “المريض”.
وفي الأخير المرحوم العربي بمنسيك صاحب الارض والذي سميت باسمه العمالة فرغم ثرائه الفاحش كان يجلس امام منزله بعد الزوال ليتناول “اتاي “مع جيرانه والمارة .
فلو كان حيا لقام مهرولا وهو غاضب من العميد ومهاجموه معا ، لان للخصومة قيم واخلاق كذلك.

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.