في خطوة جديدة ضمن مسلسل الحوار القطاعي المستمر، عُقد يوم الخميس 24 أبريل 2025 لقاء بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية. لكن، كما جرت العادة في الآونة الأخيرة، لم يُسفر هذا اللقاء عن أي تقدم يُذكر، ليترك خلفه موجة من التساؤلات وتصاعدًا في منسوب الإحباط بين الشغيلة التعليمية.
وحسب المعطيات المتوفرة، اقتصرت “مخرجات” اللقاء على تسجيل رفض النقابات الصريح لبعض مواد مشروع القرار المتعلق بالحركة الانتقالية، التي أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط التعليمية بسبب ما اعتُبر “إجراءات مجحفة”. غير أن ما يثير الدهشة حقًا هو الصمت المطبق الذي اتخذته النقابات الخمس، إذ لم تصدر حتى صباح الجمعة 25 أبريل 2025 أي بيان رسمي يوضح مجريات اللقاء أو يكشف طبيعة النقاشات التي جرت مع الوزارة. هذا التكتم، الذي بات سمة ملازمة لهذه اللقاءات، يطرح تساؤلات جدية حول مدى شفافية الحوار ومصداقية الأطراف المشاركة فيه.
**غموض يفاقم الأزمة**
إن غياب التواصل الواضح من النقابات ليس مجرد إخفاق تقني، بل هو مؤشر على أزمة ثقة متفاقمة بين مكونات القطاع التعليمي. ففي الوقت الذي تنتظر فيه الشغيلة التعليمية موقفًا واضحًا وحاسمًا من ممثليها، يبدو أن سياسة الغموض والتعتيم لا تزال تسيطر على المشهد. هذا الوضع لا يُسهم إلا في تغذية الاحتقان وزيادة الشعور بالإحباط، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع، من نقص الموارد إلى تعثر إصلاحات النظام الأساسي.
**حوار حقيقي أم بروتوكولات شكلية؟**
ما يزيد من تعقيد المشهد هو الشكوك المتنامية حول جدية هذا الحوار القطاعي. فهل نحن أمام مفاوضات جادة تهدف إلى حلحلة المشاكل العالقة، أم أن هذه اللقاءات ليست سوى محطات بروتوكولية تهدف إلى امتصاص غضب الشغيلة دون تقديم حلول ملموسة؟ إن غياب مخرجات واضحة، واستمرار النقابات في سياسة الصمت، يعززان الاعتقاد بأننا أمام سيناريو مكرر من المماطلة والتسويف.
**دور النقابات: مسؤولية تاريخية**
في هذا السياق، تتجه الأنظار نحو النقابات التعليمية، التي باتت مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسؤوليتها التاريخية. فالشغيلة التعليمية، التي خاضت حراكًا قويًا في السنوات الأخيرة، تنتظر من ممثليها الشفافية والوضوح، لا العودة إلى أساليب الماضي التي سادت قبل الحراك التعليمي. إن استمرار الصمت لن يؤدي إلا إلى تعميق الفجوة بين النقابات وقاعدتها الشعبية، مما قد يُنذر بتصعيد جديد في القطاع
** الحوار أو الفوضى**
إن قطاع التربية الوطنية يقف اليوم على مفترق طرق. فإما أن يتحول الحوار القطاعي إلى أداة حقيقية للإصلاح ومعالجة المشاكل العالقة، وإما أن يستمر كمجرد طقس شكلي يُغذي الاحتقان ويُهدد استقرار القطاع. والكرة الآن في ملعب النقابات: فهل ستخرج عن صمتها وتتحدث باسم الشغيلة بكل شفافية؟ أم أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة من اللقاءات العقيمة؟ الإجابة ستحدد مصير الحوار، وربما مصير القطاع برمته.