ملتمس الرقابة هو آلية دستورية في المغرب تتيح لمجلس النواب معارضة استمرار الحكومة في تحمل مسؤولياتها عبر التصويت على سحب الثقة منها، وفقًا للفصل 105 من الدستور. يتطلب تقديم الملتمس توقيع خُمس أعضاء المجلس (79 نائبًا من أصل 395)، ولا يُقبل إلا إذا صوتت عليه الأغلبية المطلقة (198 نائبًا). تاريخيًا، لم ينجح أي ملتمس رقابة في إسقاط حكومة، حيث سُجلت محاولتان فاشلتان في 1964 و1990 بسبب عدم تحقيق النصاب المطلوب.
في سياق حكومة عزيز أخنوش، أثارت المعارضة البرلمانية، التي تضم أحزاب الاتحاد الاشتراكي (34 مقعدًا)، الحركة الشعبية (28 مقعدًا)، التقدم والاشتراكية (22 مقعدًا)، والعدالة والتنمية (13 مقعدًا)، جدلًا حول تقديم ملتمس رقابة في مايو 2025. هذه الأحزاب، التي تملك مجتمعة 97 نائبًا، تتجاوز النصاب اللازم لتقديم الملتمس لكنها بعيدة عن الأغلبية المطلقة (198 صوتًا) لإسقاط الحكومة. اتهمت المعارضة الحكومة بالفشل في الوفاء بوعودها الانتخابية، تدهور الأوضاع المعيشية، وسوء تدبير ملفات مثل دعم استيراد المواشي. كما زاد انضمام حزب العدالة والتنمية، بقيادة عبد الإله بنكيران، قوة هذا التحرك بعد مؤتمره الوطني التاسع.
ومع ذلك، أعلنت الأحزاب المعارضة في 5 مايو 2025 تأجيل تقديم الملتمس بسبب انشغال قادتها بمهمة رسمية في موريتانيا، مما أثار تساؤلات حول جدية الخطوة. محللون يرون أن الملتمس قد يكون رمزيًا أكثر منه عمليًا، نظرًا لسيطرة الأغلبية الحكومية على الأصوات ولعدم وجود انشقاقات داخلها. البعض يرى أن المعارضة تسعى لتسجيل حضور سياسي أو الضغط للتفاوض بدلًا من إسقاط الحكومة فعليًا. هناك أيضًا انتقادات للمعارضة نفسها، حيث فشلت سابقًا في تشكيل لجان تقصي حقائق، مما يضعف مصداقية تحركها الحالي.
في المقابل، تدافع الأغلبية الحكومية عن حصيلتها، مشيرة إلى مبادرات مثل “مسار الإنجازات” وتنفيذ مشاريع وفق الرؤية الملكية. ومع ذلك، تستمر اتهامات المعارضة بتضارب المصالح وتراجع الثقة الشعبية، كما أظهرت دراسة للمعهد المغربي لتحليل السياسات عام 2023 انخفاض الثقة في الحكومة إلى 43% بسبب الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة.
في الخلاصة، رغم الزخم السياسي، فإن نجاح ملتمس الرقابة ضد حكومة أخنوش يبدو غير مرجح بسبب القيود العددية والسياسية، وقد يظل التحرك وسيلة للضغط أو إحياء النقاش السياسي أكثر من كونه تهديدا فعليا