في مدة وجيزة جدا، ألقت الحكومة بأعواد ثقاب كثيرة جدا، مشتعلة على ركام التبن الجاف، حريصة بذلك على إطلاق العنان للهب النيران التي تعالت في السماء، تتطاير منها كثير من الشظايا لتنتقل إلى المساحات الأخرى التي ساد الاعتقاد لدى البعض بأنها لن تطالها ألسنة النيران.
هذه هي صورة المشهد بالضبط، حيث قررت الحكومة مباغتة المواطنين برزمة من الزيادات في أسعار كثير من المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات، كان أول الغيث قطرة، بأن تم الإعلان عن الزيادة الكبيرة في أسعار الحليب، وإن حاول وزير الشؤون العامة والحكامة التنصل من مسؤولية هذه الزيادة الكبيرة بأن أدلى بتصريح بئيس قال فيه إن الشركات المنتجة للحليب هي التي قررت الزيادة، وكأن هذه الشركات خارجة عن طوع الحكومة، إلا أن الحقيقة التي كشفتها التطورات أكدت أن الحكومة كانت على علم بالزيادة وباركتها، وأن وزير الفلاحة والصيد البحري اجتمع مع ممثلين عن تلك الشركات وتقرر تخصيص جزء من عائدات تلك الزيادة للعالم القروي.
ويبدو أن الحكومة تؤمن بالمقولة المغربية الشهيرة »ملي يجي الخير كيجي كلو« فإنها تعمدت أن لا يبقى قرار الزيادة في أسعار الحليب يتيما، بل سارعت إلى إصدار مرسوم إعمال نظام المقايسة الجزئية بالنسبة لأسعار المحروقات ولا يعني هذا النظام غير شكل آخر مخالف عن سابقه فيما يخص الزيادة في أسعار الكازوال والبنزين الممتاز والفيول الصناعي، ويتعلق الأمر بقرار خطير جدا سيلهب أسعاب كثير من المواد التي تعتمد على النقل، كما أن أسعار النقل الحضري والنقل ما بين المدن ستعرف زيادات جديدة.
الحكومة فاجأت المغاربة بزيادة حوالي 30 بالمائة في الرسم المتعلق بالحصول على رخصة السياقة، الحكومة تعمدت غض الطرف عن أسعار الخضر والفواكه واللحوم والأسماك في جميع الأسواق، فاسحة المجال أمام السماسرة وقطاع الأرزاق للقبض بأنفاس الفقراء والمحتاجين وذوي الدخل المحدود.
واعتقدت الحكومة نفسها ذكية جدا، حينما نزلت برزمة الزيادات هذه أثناء العطلة، حيث تبتعد الدورة البرلمانية بأكثر من شهر، والمواطنون منشغلون بعطلهم، إلا أن ما لم تعطه الحكومة أي اعتبار هو أن هذه الزيادات المهولة جاءت لتقصم ما تبقى من ظهور المواطنين، الذين توالت عليهم الظروف، فمن شهر رمضان الكريم وما يتطلبه من نفقات إلى عيد الفطر حيث ينتظره أبناء الفقراء والمحتاجين للفرح بلباس العيد، إلى العطلة السنوية وما تستوجبه من نفقات، إلى الدخول المدرسي وما أدراك ما يتطلبه من تكاليف، إلى كبش العيد الذي بدأت الجيوب الضيقة التفكير له من الآن.
ومع كل ذلك لا يخجل البعض في الادعاء بأن هذه الحكومة تفكر للفقراء وتخدم مصالحهم.
الزيادات: على ظهور الفقراء والطبقة المتوسطة

كتبه
سوس بلوس
كتب في 8 سبتمبر 2013 - 15:48
مقالات ذات صلة
10 ديسمبر 2024