خليفة بوطيب**
بتنظيم مشترك بين فريق البحث المغرب وبلدان الساحل والصحراء: تاريخ وتراث” التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن زهر أكادير ومختبر “المغرب والبلدان المتوسطية” التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، وبمشاركة نخبة من الباحثين من مختلف الجامعات المغربية والمغاربية، الْتأم المؤتمر الدولي الثاني يومي 28~~29 ابريل 2025، ليُميط اللثام عن حقل معرفي قمينٍ بالدراسة والاهتمام، يتعلق الأمر ب”المدن المندرسة في تاريخ المغرب”
الجلسة الافتتاحية شهدت توقيع اتفاقية تعاون علمي بين فريق البحث “المغرب وبلدان الساحل والصحراء: تاريخ وتراث” ومختبر “المغرب والبلدان المتوسطية”، في أفق٧ تكوين قطب علمي على المستوى الوطني والمغاربي….
1. مجريات المؤتمر:
. على مستوى المحاور والمداخلات:
تميّز المؤتمر بغِنى الموضوعات وتنوع الزوايا المعرفية، حيث بُني البرنامج بشكل تدرّجي ٧ للمفهوم وتاريخه، ثم انْتَقَلَ إلى ٧ وتصنيف عدد من المواقع الأثرية المندرسة في مجالات مغربية مثل دكالة، تادلة، الشياظمة وسوس، قبل التطرق لدراساتِ حالةٍ همّت مواقع بعينها، من قبيل سجلماسة، تغمرت، أغمات ايلان، أكادير أوفلا وغيرها.
وقد خُصصت جلستان لدراسة المواقع الأثرية المندرسة في المغرب والمغارب، وفق مقاربات أركيولوجية ومعاصرة دقيقة، أبرزت التكامل بين المعطى التاريخي والدراسة الميدانية، مع تقديم نماذج مغاربية (لباحثين من تونس وموريتانيا) أضفت بعدًا مقارنًا ووسّعت أفق النقاش العلمي. وهكذا، تم تسليط الضوء على كلٍّ من بابا يوليا، وزليس، وتامدولت، وجراوة، وأغمات أوريكة، وأيير، ونول لمطة، وأيضاً: مدينة زغوان، وآزوكي. ومن القيم المضافة للمؤتمر، فتحه نقاشًا حول الرقمنة وتكنولوجيا ع في مجال التراث، منه خلال التطرق لدور المتاحف الافتراضية والتقنيات الحديثة في تثمين المواقع المندرسة وإعادة دمجها في الذاكرة الجمعية.
. على المستوى المنهجي:
غلب على معظم المداخلات الطابع التاريخي الوصفي والتحليلي، مع حضور لافت للمقاربة الأركيولوجية الميدانية، مما أثرى النقاش وضمن حدّا مقبولاً من المصداقية للنتائج المعروضة. كما لوحظ تزايد اعتماد المقاربات متعددة٧ التخصصات، وهو ما أضفى على الأعمال طابعًا تكامليًا ساعد في تسليط الضوء على جوانب متباينة لظاهرة الاندراس.
. على مستوى النقاش:
شهدت الجلسات العلمية نقاشًا جادًا وعميقًا، تجاوز التعقيبات الشكلية نحو مساءلة المفاهيم والنتائج. وقد عبّر عددٌ من الحاضرين عن الحاجة إلى تعميق البحث في تيمة الاندراس، سواء من خلال زوايا جديدة أو عبر مناطق ما تزال في الهامش الأكاديمي، مؤكدين بذلك راهنيةَ الموضوع وأهميتَه.
هـ. في تقييم المشاركين:
عبّر عددٌ من المشاركين، من خلال “استمارات المقترحات والملاحظات” التي تم توزعيها عليهم، عن رضاهم العام حول التنظيم والمحتوى العلمي، مشيدين بجِدّة التيمة، وبمستوى المداخلات. وقد اقترح بعضهم توسيع الانفتاح على تخصصات أخرى كالأنثروبولوجيا والجغرافيا والسوسيولوجيا، وكذا الاهتمام بالتكوين في مجالات الأركيولوجيا الرقمية.
2. التوصيــات:
بعد نقاش مستفيض، خلص المشاركون إلى توصيات نُظّمت بحسب محاور كبرى، نوردها كالآتي:
أ. على المستوى العلمي والمنهجي:
الدعوة إلى تعميق البحث المفاهيمي حول مصطلحات “الاندراس”، و”الاندثار”، و”الخراب”، وغيرها من المفاهيم المُحايِثة، مع محاولة التمييز الدقيق بينها بحسب السياقات.
التأسيس لمفهوم “الاندراس” كمجال معرفي مستقل، يستحق الدراسة والتمحيص.
تشجيع المقاربات متعددة التخصصات، ولا سيما الجمع بين التاريخ والأركيولوجيا والجغرافيا والأنثروبولوجيا.
ضرورة إدراج الرواية الشفوية والنصوص البديلة، مثل المناقب والفتاوى، في دراسة ظاهرة الاندراس.
تجنب الأحكام المسبقة والقراءات المؤدلجة، والارتكاز على حجج علمية رصينة وجعلها الموجه الأول لكل الدراسات العلمية.
ب. على مستوى البحث٧ والتكوين:
إعداد دليل شامل خاص بالمدن المندرسة في المغرب (والمغارب)، يتضمن معطيات عن التأسيس، والمكونات، وسياقات الاندراس.
إنجاز خريطة أثرية رقمية توثق المواقع المندرسة، ويتم تحيينُها باستمرار بناء على الاكتشافات الجديدة.
تصنيف وجرد عام للمصادر التاريخية المكتوبة المرتبطة بالمدن المندرسة، وتكوين قاعدة بيانات رقمية خاصة.
تنظيم تكوينات لفائدة طلبة الدكتوراه في مجالات البحث الأركيولوجي ومناهجه.
تشجيع إنشاء فرق بحث شبابية تضم تخصصات متعددة.
ج. على مستوى التثمين والانفتاح:
إشراك جمعيات المجتمع المدني وأصحاب القرار في الجهود العلمية للمحافظة على التراث المادي واللامادي للمواقع.
التوصية بإنشاء متاحف أو مراكز خاصة بالمواقع المندرسة للتحسيس بأهميتها.
العمل على تعزيز التغطية الإعلامية لأشغال المؤتمر، واعتماد البث المباشر للجلسات لتمكين المهتمين من المتابعة عن بعد.
***طالب باحث في سلك الدكتوراه–جامعة سيدي محمد بن عبد الله .سايس- فاس المغرب